الريش: دائرة خارج التاريج المغربي المعاصر
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الريش: دائرة خارج التاريج المغربي المعاصر
الريش: دائرة خارج التاريج المغربي المعاصر
علي بنساعود
الريش إحدى أهم جماعات إقليم الرشيدية، إذ هي بوابة
قسمه الجبلي الذي لم ترفع عنه عصا القمع والإقصاء والتهميش إلا خلال
السنوات القليلة الماضية...
يقع هذا المركز الحضري على الطريق
الرئيسية رقم 21 الرابطة بين الرشيدية ومكناس. حين زرناه مؤخرا، وكانت
السماء ممطرة، والشوارع موحلة، وأغلب الأزقة عائمة...، وجدنا أن أحياءه
الخلفية (أمازير، إليغن، إمي ن تيزي، تحنوست...) تفتقر للماء والكهرباء
وشبكة التطهير والإنارة العمومية والمجال الأخضر...
وفي مجال
النظافة، صادفنا منظرا غنيا عن كل تعليق، منظر يوضح بجلاء "العناية
الفائقة" التي يوليها مسؤولو البلدية لهذه الخدمة، حيث وقفنا في حي
"أمازير" مثلا على مدرسة تطوقها مزبلة ترتع فيها عشرات القطط والكلاب
الضالة معترضة سبيل المارة، باثة الرعب في نفوس تلاميذ صغار خاصة ساعة
الخروج مساءات هذا الشتاء القارس...
وحسب بعض الفاعلين التربويين،
فإنه، وإضافة إلى انعدام مؤسسات التكوين المهني بهذا المركز، تعاني
المؤسسات التعليمية (أربعة مدارس وإعدادية وثانوية) من الاكتظاظ، والخصاص
في الأطر، وضعف التجهيز، وضيق الفضاء المدرسي...
نفس الضعف تشكو منه
خدمات صحية يقدمها أربعة أطباء موزعين بين مركز صحي بئيس ومستشفى يتيم هش
التجهيزات، بدون اختصاصات ولا اختصاصيين، يقدم خدماته لساكنة يتجاوز عددها
العشرين ألف نسمة ولمحيط قروي متزايد...
ولأن الريش مقر لدائرة من
ثمان جماعات: (الريش وسيدي حمزة والنزالة وكرس تيعلالين وكرامة وسيدي عياد
وامزيزل وكير)، ومركز تجاري لها، ومعبر رئيسي نحو اتجاهات مختلفة، فإن
الساكنة والعابرين جميعا، وعلى مرأى ومسمع من "أصحاب الحال"، يضطرون
لاستعمال وسائل نقل مهترئة أغلبها "سري" وكثيرا ما تذهب بأرواح الأبرياء...
هذه
البلدة لا تتوفر أيضا على محطة طرقية، لذلك فإن وسائل النقل العمومي
(حافلات وسيارات أجرة...) تستغل أهم ساحة وسط المدينة كمحطة للوقوف، مع ما
ينتج عن ذلك من فوضى وضوضاء وتلوث وتشويه لجمالية الفضاء، خصوصا أن المكان
يتوسط المطاعم والمحلات التجارية...
جولتنا في الريش مكنتنا من
الوقوف على حقيقة أخرى هي أن جزاري هذه البلدة مازالوا يستغلون مجزرة
عتيقة، بحت أصوات المطالبين بإغلاقها وإحداث أخرى عصرية تستجيب لمقتضيات
البيئة والصحة العامة، سيما أن المجلس السابق كان قد قرر ذلك، وأن
الموجودة تعود إلى عهد الحماية وأصبحت محاطة بالبنايات السكنية، وتلقي
بنفاياتها في مجرى وادي زيز، هذا في وقت لا تتوفر هذه البلدة على محطة
لمعالجة مياه التطهير.
مرافقونا من أبناء هذا المركز، الذي وضعت
نواته الأولى سلطات الحماية الفرنسية، مطلع عشرينات القرن الماضي، بعد
قضائها على المقاومة بالمنطقة، كانوا حريصين على أن يصحبونا إلى حيي
تافراوت و"الباطوار" باعتبارهما مرتعين شهيرين للدعارة ولمستلزماتها من
الخمور والمخدرات، دون أن ينسوا تذكيرنا بندرة ما يكفل احتضان الشباب
وحمايتهم من براثن الانحراف من بنيات ثقافية ورياضية وترفيهية، وهشاشة
تجهيزات الموجود منها.
وإذا كانت الأرقام الرسمية تفيد أن نسبة
الفقر منخفضة بمركز الريش، وأن حركته التجارية المنتعشة تمتص الطلب على
الشغل، فإن المخيف، حسب المتتبعين، هو ارتفاع نسبة التزايد السكاني (%3،7)
بسبب الهجرة من مناطق مختلفة، وخاصة منها محيطه القروي (سيدي عياد وكرامة
والنزالة...) حيث الفقر يضرب أطنابه نتيجة توالي مواسم الجفاف.
ورغم
أهمية هذا المعطى في أي تخطيط لمستقبل الريش ومحيطه، فإن كثيرين يجزمون
بأن مسؤولي البلدية لا يولونه أي اهتمام، بل لا يفكرون حتى في تنمية موارد
البلدية الهزيلة أصلا، والتي لا تكاد تتجاوز ربع غلاف ميزانيتها التي لا
تتعدى المليار سنتيم، لذلك أيضا أجمع من تحدثنا إليهم من مواطنين وفعاليات
محلية على انتقاد أدائهم، بل لقد اعتبر البعض المجلس "مشلولا" لا يحسن
تسيير شؤون البلدية أو تدبيرها، مجلس لم يسجل في صحيفة إنجازاته، طيلة ما
مضى من عمر هذه الولاية، حسبهم، سوى كراء السوق الأسبوعي للماشية!!!،
والسبب هو أن الأغلبية التي يرأسها حفيد العامل المتمرد الشهير "عدي
وبيهي" تفتقد لأي مشروع تنموي، ولا تملك إلا "شكارتها" ونفوذها القبلي،
لذلك، فإنها، يضيف محدثونا، ومنذ تمكنت من الاستيلاء على كراسي المجلس،
وإقصاء المعارضة الضعيفة (ثلاثة مستشارين اتحاديين من أصل خمسة عشر
مستشارا) تفرغت لخدمة مصالحها التجارية، وتركت البلدية تندب حظها رغم ما
تتوفر عليه من مؤهلات في مجالي الفلاحة والسياحة... ولعل ما يشجعها على
ذلك هو ضعف المجتمع المدني وتآكل المشهد الحزبي...
والأغرب، حسب
أحد أبناء الريش، هو أن رئيس البلدية الذي هو برلماني في نفس الوقت، لا
يستغل موقعه هذا لا في الدفاع عن دائرته ولا عن البلدية، بل أجزم أنه لم
يسبق لهم أن شاهدوه خلال الجلسات المبثوثة لمجلس النواب، ولا سمعوه يطرح
سؤالا أو يعقب على جواب، لا خلال هذه الولاية ولا سابقتها...
وعن
علاقة السلطة المحلية بالمواطنين، بعموم دائرة الريش، أثارتنا فعلا كثرة
الشكايات التي تلقيناها ضد قائد "كرامة" وهو، شأنه شأن أحد زملائه بعاصمة
الإقليم، لم يسمع، على ما يبدو، لا ب"المفهوم الجديد للسلطة" ولا ب"دولة
الحق والقانون" لذلك، فهو لا يجد حرجا في إهانة المواطنين وسبهم والاعتداء
عليهم، دون أن يجد من يضع حدا لجبروته، وهذا ما حدا بفرع الجمعية المغربية
لحقوق الإنسان بالرشيدية إلى إصدار بيان أدان فيه ما أسماه "ممارسات
قروسطية ماسة بالكرامة الإنسانية" وطالب بفتح تحقيق في شأن آخر إنجازات
هذا القائد المتمثلة في تهجمه "على ممرضتين ليلا بحضور طبيبة المركز
الصحي، وتوجيهه لهما وابلا من السب والشتم والإهانات، وطالبهما بحمل
أمتعتهما ومغادرة "كرامة" فورا، كما تجرأ وطرد أعضاء اتحاد جمعيات وادي
كير- كرامة، ومنعهم من حضور جمع عام عقد مؤخرا من أجل تأسيس شبكة
للجمعيات!!!
علي بنساعود
الريش إحدى أهم جماعات إقليم الرشيدية، إذ هي بوابة
قسمه الجبلي الذي لم ترفع عنه عصا القمع والإقصاء والتهميش إلا خلال
السنوات القليلة الماضية...
يقع هذا المركز الحضري على الطريق
الرئيسية رقم 21 الرابطة بين الرشيدية ومكناس. حين زرناه مؤخرا، وكانت
السماء ممطرة، والشوارع موحلة، وأغلب الأزقة عائمة...، وجدنا أن أحياءه
الخلفية (أمازير، إليغن، إمي ن تيزي، تحنوست...) تفتقر للماء والكهرباء
وشبكة التطهير والإنارة العمومية والمجال الأخضر...
وفي مجال
النظافة، صادفنا منظرا غنيا عن كل تعليق، منظر يوضح بجلاء "العناية
الفائقة" التي يوليها مسؤولو البلدية لهذه الخدمة، حيث وقفنا في حي
"أمازير" مثلا على مدرسة تطوقها مزبلة ترتع فيها عشرات القطط والكلاب
الضالة معترضة سبيل المارة، باثة الرعب في نفوس تلاميذ صغار خاصة ساعة
الخروج مساءات هذا الشتاء القارس...
وحسب بعض الفاعلين التربويين،
فإنه، وإضافة إلى انعدام مؤسسات التكوين المهني بهذا المركز، تعاني
المؤسسات التعليمية (أربعة مدارس وإعدادية وثانوية) من الاكتظاظ، والخصاص
في الأطر، وضعف التجهيز، وضيق الفضاء المدرسي...
نفس الضعف تشكو منه
خدمات صحية يقدمها أربعة أطباء موزعين بين مركز صحي بئيس ومستشفى يتيم هش
التجهيزات، بدون اختصاصات ولا اختصاصيين، يقدم خدماته لساكنة يتجاوز عددها
العشرين ألف نسمة ولمحيط قروي متزايد...
ولأن الريش مقر لدائرة من
ثمان جماعات: (الريش وسيدي حمزة والنزالة وكرس تيعلالين وكرامة وسيدي عياد
وامزيزل وكير)، ومركز تجاري لها، ومعبر رئيسي نحو اتجاهات مختلفة، فإن
الساكنة والعابرين جميعا، وعلى مرأى ومسمع من "أصحاب الحال"، يضطرون
لاستعمال وسائل نقل مهترئة أغلبها "سري" وكثيرا ما تذهب بأرواح الأبرياء...
هذه
البلدة لا تتوفر أيضا على محطة طرقية، لذلك فإن وسائل النقل العمومي
(حافلات وسيارات أجرة...) تستغل أهم ساحة وسط المدينة كمحطة للوقوف، مع ما
ينتج عن ذلك من فوضى وضوضاء وتلوث وتشويه لجمالية الفضاء، خصوصا أن المكان
يتوسط المطاعم والمحلات التجارية...
جولتنا في الريش مكنتنا من
الوقوف على حقيقة أخرى هي أن جزاري هذه البلدة مازالوا يستغلون مجزرة
عتيقة، بحت أصوات المطالبين بإغلاقها وإحداث أخرى عصرية تستجيب لمقتضيات
البيئة والصحة العامة، سيما أن المجلس السابق كان قد قرر ذلك، وأن
الموجودة تعود إلى عهد الحماية وأصبحت محاطة بالبنايات السكنية، وتلقي
بنفاياتها في مجرى وادي زيز، هذا في وقت لا تتوفر هذه البلدة على محطة
لمعالجة مياه التطهير.
مرافقونا من أبناء هذا المركز، الذي وضعت
نواته الأولى سلطات الحماية الفرنسية، مطلع عشرينات القرن الماضي، بعد
قضائها على المقاومة بالمنطقة، كانوا حريصين على أن يصحبونا إلى حيي
تافراوت و"الباطوار" باعتبارهما مرتعين شهيرين للدعارة ولمستلزماتها من
الخمور والمخدرات، دون أن ينسوا تذكيرنا بندرة ما يكفل احتضان الشباب
وحمايتهم من براثن الانحراف من بنيات ثقافية ورياضية وترفيهية، وهشاشة
تجهيزات الموجود منها.
وإذا كانت الأرقام الرسمية تفيد أن نسبة
الفقر منخفضة بمركز الريش، وأن حركته التجارية المنتعشة تمتص الطلب على
الشغل، فإن المخيف، حسب المتتبعين، هو ارتفاع نسبة التزايد السكاني (%3،7)
بسبب الهجرة من مناطق مختلفة، وخاصة منها محيطه القروي (سيدي عياد وكرامة
والنزالة...) حيث الفقر يضرب أطنابه نتيجة توالي مواسم الجفاف.
ورغم
أهمية هذا المعطى في أي تخطيط لمستقبل الريش ومحيطه، فإن كثيرين يجزمون
بأن مسؤولي البلدية لا يولونه أي اهتمام، بل لا يفكرون حتى في تنمية موارد
البلدية الهزيلة أصلا، والتي لا تكاد تتجاوز ربع غلاف ميزانيتها التي لا
تتعدى المليار سنتيم، لذلك أيضا أجمع من تحدثنا إليهم من مواطنين وفعاليات
محلية على انتقاد أدائهم، بل لقد اعتبر البعض المجلس "مشلولا" لا يحسن
تسيير شؤون البلدية أو تدبيرها، مجلس لم يسجل في صحيفة إنجازاته، طيلة ما
مضى من عمر هذه الولاية، حسبهم، سوى كراء السوق الأسبوعي للماشية!!!،
والسبب هو أن الأغلبية التي يرأسها حفيد العامل المتمرد الشهير "عدي
وبيهي" تفتقد لأي مشروع تنموي، ولا تملك إلا "شكارتها" ونفوذها القبلي،
لذلك، فإنها، يضيف محدثونا، ومنذ تمكنت من الاستيلاء على كراسي المجلس،
وإقصاء المعارضة الضعيفة (ثلاثة مستشارين اتحاديين من أصل خمسة عشر
مستشارا) تفرغت لخدمة مصالحها التجارية، وتركت البلدية تندب حظها رغم ما
تتوفر عليه من مؤهلات في مجالي الفلاحة والسياحة... ولعل ما يشجعها على
ذلك هو ضعف المجتمع المدني وتآكل المشهد الحزبي...
والأغرب، حسب
أحد أبناء الريش، هو أن رئيس البلدية الذي هو برلماني في نفس الوقت، لا
يستغل موقعه هذا لا في الدفاع عن دائرته ولا عن البلدية، بل أجزم أنه لم
يسبق لهم أن شاهدوه خلال الجلسات المبثوثة لمجلس النواب، ولا سمعوه يطرح
سؤالا أو يعقب على جواب، لا خلال هذه الولاية ولا سابقتها...
وعن
علاقة السلطة المحلية بالمواطنين، بعموم دائرة الريش، أثارتنا فعلا كثرة
الشكايات التي تلقيناها ضد قائد "كرامة" وهو، شأنه شأن أحد زملائه بعاصمة
الإقليم، لم يسمع، على ما يبدو، لا ب"المفهوم الجديد للسلطة" ولا ب"دولة
الحق والقانون" لذلك، فهو لا يجد حرجا في إهانة المواطنين وسبهم والاعتداء
عليهم، دون أن يجد من يضع حدا لجبروته، وهذا ما حدا بفرع الجمعية المغربية
لحقوق الإنسان بالرشيدية إلى إصدار بيان أدان فيه ما أسماه "ممارسات
قروسطية ماسة بالكرامة الإنسانية" وطالب بفتح تحقيق في شأن آخر إنجازات
هذا القائد المتمثلة في تهجمه "على ممرضتين ليلا بحضور طبيبة المركز
الصحي، وتوجيهه لهما وابلا من السب والشتم والإهانات، وطالبهما بحمل
أمتعتهما ومغادرة "كرامة" فورا، كما تجرأ وطرد أعضاء اتحاد جمعيات وادي
كير- كرامة، ومنعهم من حضور جمع عام عقد مؤخرا من أجل تأسيس شبكة
للجمعيات!!!
رد: الريش: دائرة خارج التاريج المغربي المعاصر
رغم كل ذلك أنا شخصيا احبها جدا و أشتاق لزيارتها..
درة الكون- عضو محترف
-
عدد الرسائل : 173
العمر : 36
تاريخ التسجيل : 14/05/2007
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى